هل فقدت صناعتنا قدرتها التنافسية…أسبابها وسبل العلاج؟!!
سوا نيوز :وفاء فرج–
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش ان القدرة التنافسية تعني مدى القدرة على تلبية رغبات شرائح المستهلكين المستهدفة وإشباع حاجاتهم بشكل مرضي لهم ومربح للشركة وبما يفوق المنافسين.
وتتغير القدرة التنافسية وطبيعتها وأدواتها، بحسب طبيعة الأسواق المستهدفة.. فهناك أسواق المنافسة التامة، وأسواق الاحتكار التام، وأسواق احتكار القلة وغيرها. ويرتبط ذلك بتصنيف المنتجات ضمن هذه الأسواق.
بالعموم تصنف المنتجات الغذائية ضمن تصنيف السلع الاستهلاكية الاستقرابية، وتتبع بالعموم مفهوم أسواق المنافسة التامة.. ومن خلال ذلك يمكن تحديد معايير التنافسية للصناعات الغذائية السورية واختصرها بالعوامل التالية:
١- التكاليف والأسعار.. وتتضمن التمويل.
٢- تقنيات وأساليب الإنتاج وتتضمن الابتكار والابداع.
٣-المواصفات والجودة وتتضمن المواد الأولية والوسيطة والنهائية.
٤-التسويق والحصة السوقية من حيث الإنتشار والتواجد.
٥- الموقع الجغرافي واللوجستيات المتعلقة به من حيث الإمداد والتموين والنقل.
تمتعت الصناعات الغذائية السورية بمزايا تنافسية هامة ومتفوقة على مستوى الأسواق المحلية والخارجية.. ولكنها تأثرت كثيراً بظروف الأزمة والحرب والحصار والعقوبات مما أفقدها الكثير من قدراتها التنافسية ولا سيما في الأسواق الدولية التقليدية للمنتجات السورية..
فزادت تكاليف الإنتاج مع تراجع الإنتاجية، بسبب ضعف الطلب المحلي نتيجة ضعف القدرة الشرائية في الأسواق المحلية، وارتفاع تكاليف حوامل الطاقة، والنقل، وتراجع كفاءة اليد العاملة.. وكذلك تراجع الطلب الخارجي نتيجة العقوبات والحصار.
أيضاً تأثرت أساليب الإنتاج وتقنياته بحكم الظروف ذاتها.. وكذلك تراجع الزراعات كماً ونوعاً والتي تعتبر مواد أولية للصناعات الغذائية محلياً، مع صعوبة تأمين المواد الأولية المستوردة لعراقيل عدة محلية وخارجية. وتأثرت بفعل ذلك بنسب متفاوتة مستويات الجودة ومعاييرها.
بالإضافة إلى ما تقدم، افتقرت الصناعات الغذائية للدعم الكافي ولا سيما في التسويق الدولي.. وبالتالي اعتمدت الشركات الوطنية على إمكاناتها الذاتية في المنافسة محلياً ودولياً.
ورغم كل الظروف الصعبة استطاعت الكثير من شركاتنا الاستمرار في الأسواق المحلية وحتى الدولية.. وبعضها أسس مصانع في الأسواق الخارجية لتجاوز المعوقات الداخلية والحصار والعقوبات.
وفقاً لما سبق نجد أن تعزيز القدرة التنافسية للصناعات الغذائية الوطنية ضرورة ملحة لتحقيق هدفين مهمين:
١- تعزيز قدرة الصناعات الغذائية المحلية في الأسواق المحلية لتأمين المنتجات الغذائية الأساسية للمواطنين بجودة وأسعار مناسبة، وزيادة قدرتها على الإحلال محل المنتجات المستوردة وبالتالي تخفيض فاتورة الاستيراد.
٢- تعزيز قدرة الصناعات الغذائية السورية في الحفاظ على أسواقها الخارجية، وزيادة قدرتها التنافسية في تلك الأسواق.
ولتحقيق ذلك يجب على الصناعات الغذائية السورية تحقيق معايير التنافسية الثلاثة وفق ما تحدده منظمة الوايبو (WIPO) وهي أن تكون الأفضل – والأسرع – والأرخص (الأنسب). وهذا يتطلب جهود كبيرة وتعاون كبير بين قطاع الصناعات الغذائية، والجهات الرسمية ذات العلاقة، ومنظمات قطاع الأعمال بغية:
١- تخفيض تكاليف الإنتاج، وتطوير تقنياته، وزيادة الإنتاجية، والجودة.
وإحدى أهم السياسات الفاعلة في هذا الاتجاه هو اعتماد مفهوم “الزراعات التعاقدية”، والتي تعتبر مدخلات للصناعات الغذائية.. وكذلك تشجيع التشبيك بين المشاغل الصغيرة والشركات الكبيرة في مجال الصناعات الغذائية.
٢- دعم التسويق الدولي لشركات الصناعات الغذائية. على مستوى دراسات الأسواق الخارجية، والترويج الدولي، وإجراءات وتكاليف الشحن والتصدير.
وأحد أهم السياسات الناجعة في هذا الاتجاه هو تطبيق دعم المخرجات عوضاً عن دعم المدخلات في الإنتاج والتصدير.. وكذلك تطبيق مفهوم (منافسة الدولة) تطببقاً لشعار “صنع في سورية” حتى لا تبقى شركاتنا تتحمل أعباء التنافسية الكبيرة منفردة في الأسواق الدولية.